وكان من سماته وهو جالس بين أحبابه ومريديه أنه كان لا يُشْغَل بواحد عن بقية الجالسين، بل يرسل تحياته إلى كل واحد باسمه وحاله، مع السؤال عن أولاده وأسرته، وعمله وشئونه، فإذا كانت لدى أحد مسألة تحتاج إلى توجيه وإرشاد وجهه بكل بيان، وأكد عليه بأن يَجِدَّ فى هذا الشأن، وأن يتنبه لما فيه من عقبات، وأن يتواصل معه ولو بالهاتف للاطمئنان عليه فى أى ساعة فى جميع الأوقات، وبهذا يشعر المريد أن شيخه ما نسيه فى غمرات الحياة وإنما يتواصل معه فى كل اتجاه، وذلك كله لوجه الله، لا حاجة من هذه الحياة، فما كان لله دام فى دنياه وأخراه.
دخلت عليه يوم الأربعاء وكان فى المسجد بجوار العمود المواجه للقبله وهو يقرأ وحده فى رسالة علمية "هكذا كما وقع فى نفسى" فلما رآنى وضع الرسالة أمامه فجلست للسلام عليه مع التكريم، فحيانى بالتحيات المباركات مع بشاشة الوجه وطيب الكلام وكان شيخنا "عبد الحكم شرف" -الأستاذ فى كلية الشريعة- وله فى البيت الكردى نسب أصيل وتاريخ مستطيل- جالسا قريبا منَّا، وأخذ شيخنا "ضياء" يذكرنى بالشيوخ السابقين، وما لهم من آثار على إخوانهم واللاحقين، ويقول: نحن الآن فى حاجة ماسة إلى "ظُفْرِ" أحدهم، فقد ذهبَ خيرٌ كثير بذهابهم، وأخذ يروى لى، وشيخنا "عبد الحكم" يسمع ما كان، ويقول: الشيخ العبيسى كان منه وله –عليه رحمه الله، والشيخ أبو موسى، وشيخنا عبد الحليم محمود. ثم مرَّ وقت ولم يأت صاحب "الشاى" بالضيافة المعتادة فى هذا البيت الكريم، فنادى شيخنا على عم محمد، قائلا: يا عم محمد هل بينك وبين الشيخ فتحى حاجة؟ فجاء عمّى محمد مسرعا وقائلا: نعم يا سيدنا الشيخ، فقال: أين الشاى؟ وأين الحلوى؟ فقال- رحم الله الجميع-: والله يا سيدنا الشيخ لقد وضعت الماء على النار لصنع الشاى، ولكنه أخذ وقتا فى الغليان لكثرته، فقال شيخنا: فى المطبخ شئ من الحلويات فأتنا بما عندك، يقول شيخنا هذا الكلام فى هذا الحوار وهو مبتسم، لذا كان كلامه يدخل إلى القلوب والمشاعر فيفرحها، وهكذا كان رسول الله –صلى الله عليه وسلم وآله- بين أصحابه، وشُيُوخُنا على هذا الدرب يسيرون، وعلى نهج سيد النبيين يتشرفون، ويوجهون ويرشدون، رحم الله الكريم السابقين، ومَتَّع بهم العالمين إلى يوم الدين، والله هو الكريم الوهاب.
كان شيخنا "ضياء" بين إخوانه فى كلية أصول الدين كالشمس فى ضحاها، فإذا ما جالسهم صار كالقمر إذا تلاها، وإذا تكلم خشع الجميع لِلَّه الذى جمعهم مع أهل الله الصالحين، وعلى رأسهم شيخنا "ضياء الدين"، ولم يكن هذا فى كليته فحسب، بل فى جميع لقاءاته مع إخوانه فى المجالس العلمية أينما حلَّ فى الجامعة أو فيما سواها من مواطن العلم والعالمين وله فى كل مكان أثره الظاهر، بل يبقى أثره على ألسنه المحبين حتى يأتيهم اليقين، وذلك من فضل الله عليه وأمثاله من أهل الله الصالحين، فالمؤمن كالغيث أينما وقع نفع، كما صح عن رسول الله –صلوات الله وسلامه عليه وآله- هذا، وكان مع المريدين فى بلادهم متى دعِي بادئا ببيت الله أولا، يصلى الصلاة المفروضة، أو الجمعة المحدودة، ثم يقوم بإلقاء درسه المبارك، العام، الشامل للمواعظ والأحكام، موشحا بالقصص الرفيع، الموصل للمعارف إلى الأفهام بأسلوب عذب فياض يليق بجميع ألوان بنى الإنسان، يأخذ منه العالم ليضيف إلى علمه، والطالب ليستزيد من فضله، والعامِىُّ ليصلح من حياته، وليعيش على ما سمع فى دنياه وآخرته، لأن الجميع يرى فى كل كلمة وعبارة فيضاً من الحكم، وفتحا من المعارف ربما لم يسطرها قلم، لأن العالم العامل له من مولاه فتح قريب، وسرُّ نجيب كما قال -تعالى- ﴿ فَوَجَدَا عَبْدَاً مِنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاه رَحْمَهً مِنْ عِنْدَنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْمَا﴾ ] سورة الكهف ٦٥ [.
فمجالسهم فيها الرحمات، والعلوم والمعارف من لدن رب الكائنات، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله واسع عليم. وصدق رسول الله-صلى الله عليه وسلم-: "مَنْ عَمِلَ بِمَا عَلِمَ وَرَّثَهُ اللهُ عِلْمَ مَا لَمْ يَكُنْ يَعْلَم وَجَعَلَ لَهُ وِلاَيَةً عَلَى مَا يَعْلَمُ " صدق رسول الله- صلوات الله وسلامه عليه وآله وتابعيه- والعلماء ورثة الأنبياء. ولله در شيخنا!! ما رأيته مرة جالساً بدون عمل صالح. إما أن يكون مصليا أو قارئا للقرآن، أو مذاكرا فى كتب من كتب الأعلام، فإذا ما جاءه أحد من تلاميذه أو اخوانه من العلماء اتجه إليه بأعذب الحديث مع علم وافر، وتجربة صادقة، وتوجيه سديد، وإرشاد حكيم، لا همَّ له إلا رضوان مولاه، والسير إليه فى كل اتجاه، ذاكرا مع الذاكرين، ناصحا فى كل الأمور مع التمكين، فقد عرف الحياة بعد ما عركها بين أهل الله المخلصين، وهذا لأنه تربى بين أهل العلم الخالص، والعمل بالعلم النافع، فالبيت الذى تربى فيه بيت العلم والعمل والولاية والإرشاد، والإمداد بكل طاقات الاستعداد لجميع المريدين وغيرهم من المحبين، والله لا يضيع أجر المحسنين. فهذا والده شيخ الشيوخ فى عصره مربى الأولياء شيخنا نجم الدين الكردى، وهو ابن شيخنا "محمد أمين الكردى" الذى رحل من العراق "إربل" إلى مصر "الأزهر" وبه تعلم وتخرج، وإليه كانت الشجرة الكردية، أصلها ثابت وفرعها فى السماء، تؤتى أكلها كل حين بإذن ربها، وستكون على هذا الدرب-بإذن الله- إلى يوم الدين، فما كان لله دام واتصل، وما كان لغير الله انقطع وانفصل، وشيوخنا –بحمد الله- يعيشون حياتهم لله الكريم، وحب المصطفى سيد الأولين والآخرين –صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم- وحب من أحبه من أصحابه الكرام، والتابعين لهم بإحسان، وهم –بحمد الله- على أرض الله يتوزعون، لا يفترون عن ذكر الله آناء الليل وأطراف النهار، وبهم تتنزل الرحمات، وتدفع البليات، وتستنير بهم النفوس، وتستقر بهم القلوب، لأنهم يُعَلِّمُون الناس الأذكار وبها تكون الأنوار، وتسرى بها الأسرار، وصدق الله العظيم: ﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللهِ أَلَا بِذِكْرِ اللهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ، الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ طُوبَى لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ﴾]الرعد ٢٨-٢٩[.
حدثني شيخنا "محمد ضياء" أنه فى أول حياته كان يميل إلى فصيح الكلام، وبليغ القول فى أى ميدان، فأحب الشعر لما فيه من بلاغة ومعان، وصور مشرقة فى جميل المبانى، فأرسله والده العارف بالله-سبحانه- شيخنا "نجم الدين"-رضى الله عنه- مع أخيه "عبد الرحمن" إلى شيخهم مربى الطالبين وأستاذ العلماء فى هذا العصر المحدث "سلامة القضاعى العزامى"-رحمه الله وأرضاه- قال شيخنا "ضياء" فذهبنا إلى بلدة شيخنا "جزيرة العرب أو النجدى" وكنا نناديه "يا جَد" وننادى زوجته المكرمة بقولنا "يا جَدة"، فلما جالسنا شيخنا قلت له: أريد أن أقرأ عليك كتابا فى "البلاغة" وقال أخى عبد الرحمن أريد أن أقرأ كتابا فى "التوحيد"، فماذا قال الشيخ الجليل العارف بالله الكريم؟! قال: أنت يا "ضياء" تقرأ فى علم "التوحيد"، وأنت يا "عبد الرحمن" والدك يختار لك كتابا فى "البلاغة" لتقرأه عليه، قال شيخنا "محمد ضياء" فتحولت من قراءه الشعر وبليغ الكلام إلى علم "التوحيد" هكذا حتى صار أستاذا فى كلية أصول الدين-قسم العقيدة والفلسفة وصار أخوه شيخنا عبد الرحمن أستاذا فى قسم "البلاغة والنقد" فى كلية اللغة العربية، وَرُقِّىَ إلى أن صار نائبا لرئيس الجامعة حتى أتاه اليقين فى سن الخامسة والخمسين-رحم الله الجميع.
فانظر -هداك الله- إلى هذه الإشارات، لأن المؤمن قوى الإيمان ينظر بنور الله، ويُعَدِّل –بتوفيق الله- مسارات الحياة فلا يتكلمون إلا بهذا النور ﴿ يَهْدِى اللهُ لِنُورِه مَنْ يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللهُ بِكُلِّ شَئٍ عَلِيمٌ ﴾ ]سورة النور ٣٥[.
ولله دَرَّ من قال: إشاراتنا تقضى الحوائج بيننا فنحن سكوت والهوى يتكلم
ثم يعقب شيخنا "ضياء" على هذه القصة العجيبة فيقول: لكنى حينما أخذت شهادة "الثانوية" أردت أن أذهب إلى "كلية اللغة العربية" وقد سبقنى إليها أخى عبد الرحمن، فملأت الاستمارات مقدما كلية اللغة وبعدها أصول الدين فرأيت أوراقى تحولت إلى "أصول الدين" فحاولت إقناع المسئولين فى اللغة العربية بدون جدوى، فقلت فى نهاية المطاف لقد صنعها مشايخى من قبل بإشارة الله رب العالمين، فكنت فى أصول الدين، وصار بها أستاذا ومرشدا حتى أتاه اليقين.
وكان شيخنا "ضياء" يستقبل المريدين وطلاب العلم من الوافدين من كل بقاع العالمين من إفريقيا وشرق أسيا وبلاد روسيا وإيران وأرض الحجاز وبلاد الشام سوريا وما حولها، وتركيا ومن البلاد الغربية والأمريكتين واستراليا، وقد رأيت نماذج من هؤلاء فى بيت شيخنا إما أن يكون الواحد منهم تلميذا للشيخ بإشرافه عليه فى رسائله العلمية الجادة كالتخصص والعالمية "الماجستير والدكتوراه"، وإما أن يكونوا مريدين زائرين للبيت الكردى لما له من آثار صوفية عليهم، وكان الشيخ يراعى الجميع بما يوافق من الكلام وصالح الأعمال، فلا يخرج أحد من بينهم إلا راضياً مرضياً، ولا ينسى هذا الجميل مع شيخه أبدا.
لقد جالست شيخى فى هذا البيت كثيرا وطويلا فما رأيته ترك أحدا جاءه ضيفا إلا وكرَّمه غاية الإكرام، فى الطيب من الكلام والطعام وقضاء الحاجات على الدوام.
كنا نطعم مع شيخنا طعام الغداء، والبيت ملئ بالضيوف من كل فج عميق ليشهدوا منافع لهم، وقد أُعِدَّ الغداء –كما هى العادة فى كل يوم- وجلست - قَدَرا- بجوار أحد الأفارقة من طلاب العلم فى أصول الدين، وكان تحت إشراف شيخنا "ضياء" لنيل درجة العالمية "الدكتوراه"، فسمعت شيخنا "ضياء" ينادى ولده "أحمد" قائلا له: اصعد إلى مطبخنا وفى مكان كذا ورقة ملفوفة على قدر "من الشَّطَّة" فجاء بها أحمد، فقال شيخنا للإفريقى: خذ هذا، ونظر إلىَّ قائلا: إنهم يحبون "الحارق" من الفلفل بأنواعه، فقلت يا شيخنا كيف أطعم معه والطبق واحد؟ فقال شيخنا: دع هذا الطبق له، وسنأتيك بطبق لك، فعرفت أن الشيخ يوالى كل واحد منا فى الطعام وغيره بما يناسبه وصدق رسول الله-صلى الله عليه وسلم- "خاطبوا الناس أو كلموا الناس على قدر عقولهم" ولذلك فليعمل العاملون المخلصون.
من كرامات شيخنا
الكرامة لكبرى للعارفين برب العالمين هى "الاسْتِقَامَة" على جادة الشريعة علما وعملا، واتباعا وامتثالا، وشيوخنا الذين عرفناهم كانوا على هذه الاستقامة. وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم، وصدق الله العظيم ﴿وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللهِ فَقَدْ هُدِىَ إِلَى صِرَط ٍمُسْتَقِيمٍ﴾ ] آل عمران ١٠١[ لأن السير على صراط العزيز الحميد فى حاجة إلى مجاهدات، للنفس والدنيا والهوى والشيطان، فمن صحَّت مجاهداته أكرمه مولاه بالاستقامه حتى يأتيه اليقين ليكون فى مقعد صدق عند مليك مقتدر، فهذه الاستقامة هى أعظم كرامة. ولشيخنا "ضياء" فى طريق الاستقامة مكرمات-بفضل- الله-تعالى- فقد كان محبا لضيوفه وزائريه بكل تقدير وتكريم فى حياته الذاخرة بصالح الأعمال وطيب الأقوال وكريم الفعال، وإليكم هذه المكرمة
لقد حكى لى الشيخ الصالح العارف بالله أستاذ علماء "أندونيسيا" العلامة الكبير "ميمون زبير" حينما كنت مَدْعُوا إلى مؤتمر علمى فى نهاية عام دراسى، والداعى لى هو الشيخ المعلم الداعية "زهر الأنام" وهو زوج ابنته التقية الصالحة. وعندما عرف الشيخ "ميمون" أننى فى زيارة اندونيسيا لهذا الغرض، وعرف أننى تشرفت بالطريق "النقشبندى" وهو من أئمة هذا الطريق – حرص الشيخ أن يلقانى مع بعد المسافة بين بلده وبلد زوج ابنته، ورأيت فيه أَدَباً عاليا مع المريدين وأهل العلم على وجه الخصوص، فقد أردت أن أذهب إليه فى مكانه الذى نزل فيه عند زوج ابنته حتى لا أُجْهِد الشيخ الكبير الذى تخطى التسعين من عمره، ووهنت عظامه وضعف بدنه، لكن الشيخ أصرَّ على أن يأتينى فى محل ضيافتى، ولما أردت مصافحته وهو جالس أكدَّ على القيام بمساعدة صهره ومن معه: وعندما قام للسلام وعانقنى سألنى عن صحبتى لشيخنا "نجم الدين" فقلت: تشرفت به وأخذت منه الطريق على مدى ثلاثين سنة، ففرح الشيخ، وازداد تعلقا بى إلى أن رحل إلى مولاه وهو بلباس الحاج سنة ١٤٤٥هـ ودفن بمقابر السيدة خديجة –رضى الله عنها- بمكة المكرمة –حرسها الله- وجالس الشيخ المريدين وكنت بجانبه على الدوام –هكذا أراد، ومع ضعفه لم يدع الدعوة إلى الله –تعالى- أبدا.
وقد حكى لى ما كان بينه وبين شيخه "ضياء" الذى أعطاه إجازة عامة بتسليك المريدين وإقامة الأختام- خصوصا فى بلده "أندونيسيا"، ثم قال لى: ومن أعجب ما كان من شيخى "ضياء الدين" أنه لما انتقل إلى رحمه الله –تعالى- ودفن مع والده وجده وأخيه فى مسجدهم الخاص بهم "مسجد الكردى" لم أكن أعرف طريق الذهاب إلى المسجد، ولما وَصَلْتُ إلى القاهرة ركبت سيارة "أجرة" وقلت له: صلاح سالم، ولما سرنا فى الطريق لم أكن أعرف –على وجه التحديد- أين نتوجه، وفى مكان من طريق صلاح سالم توقفت السيارة وتعطلت، وحاول السائق أن يتعرف على سبب هذا التوقف فلم يستطع، فقلت: سأنظر هذا المسجد القريب منا، وأسأل مَن فيه عن مسجد "الكردى" فإن كان قريبا ذهبت إليه ماشيا، وحاول أنت أن تبحث عن "ميكانيكى" لإصلاح السيارة، فذهبت إلى المسجد وامتلأت عجبا حينما قيل لى: هذا هو مسجد "الكردى" فرجعت إلى الرجل شاكرا واعطيته أجره، وقلت: اركب السيارة وحاول معها بما تستطيع لإدارتها، فلما ركب السياة، وأدار المفتاح دارت السيارة وانطلق الرجل إلى حاله وسبيله ولم يكن بالسيارة من عطب ولا خلل، ولكن الأمر بهذا الذى كان يدل دلالة ساطعة على تكريم الله –عز وجل- لشيخنا "ضياء" حيا وميتا حيث كان مُحِبَّاً لضيوفه قائما على تكريمهم فى سبلهم خصوصا الوافدين من بلاد المسلمين إلى شيوخهم محبين لهم فى سبيل رب العالمين. أرأيتم هذا التكريم بهذه المكرمة، لأن رب العالمين وعد بذلك فى قوله –جل جلاله-: ﴿أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللهِ لَا خَوفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ، الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ، لَهُمْ الْبُشْرَى فِى الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِى الْآخِرَةِ لَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللهِ ذَلِكَ هُو الْفَوْزُ الْعَظِيمُ﴾ ] سورة يونس ٦٢-٦٤ [.
والمتتبع لحياة شيخنا وأمثاله من العلماء العاملين فى كل مكان وزمان سيرى سجلا حافلا بجلائل الأعمال مع طيب الأقوال وصالح الفعال مما يدل على اتصالهم الوثيق برب العالمين. وحياتهم المختلفة فى صورها لكنهم كانوا عن ذكر الله لا يفترون، سلكوا صراط العزيز الحميد، واعتصموا بالله فَهُدُوا إلى صراط الكريم الوهاب، الذى له ملك السموات والأرض، ومَنْ كان على هديهم، واتبع طريقهم كان من وراء سيد الأولين والآخرين، فهم يتبعون سنته، ويترسمون خطاه إلى كل مقصد من مآربهم فى حياتهم الأولى، لا يرجون من وراء ذلك إلا حسن العاقبة، والدار الآخرة، ولله عاقبة الأمور، والله بكل شئ محيط، يهدى من يشاء إلى صراط مستقيم.
فاللهم ارزقنا حبك وطاعتك، وحب نبيك والصالحين، وارزقنا السير على هديهم إلى يوم الدين، إنك يا مولانا نعم المولى وأنت نعم النصير، والحمد لله رب العالمين.
وصلى الله –تبارك وتعالى- وسلم على سيدنا محمد رحمة العالمين، وعلى آله الأطهار، وصحابته الأخيار، وتابعيهم بإحسان إلى يوم الدين، واجعلنا منهم ومعهم تحت سيد الأولين والآخرين بلا سابقة عذاب ولا هوان يا كريم ... آمين.
بقلم :راجى عفو مولاه ورضاه فتحى عبد الرحمن حجازى- الأجهورى- النقشبندى عضو هيئة التدريس بجامعة الأزهر-اللغة العربية- القاهرة يوم الأحد ٣ من رمضان المعظم سنة ١٤٤١هـ ٢٦ من إبريل سنة ٢٠٢٠م وراق العرب- الجيزة- مصر المحروسة