رسالة في تحقيق الرابطة
للشيخ قطب دائرة الإرشاد غوث الثقلين على السداد
السائر في الله الراكع الساجد المجاهد ذي الجناحين حضرت
ضياء الدين مولانا خالد البغدادي
قدس الله تعالى سره العزيز
﷽
الحَمْدُ لِلهِ وكَفَى وَسَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى مِنَ العَبْدِ الْفَقِيرِ الْمُسْتَهَامِ خَالِدٍ النَّقْشِبَنْدِيِّ اْلمُتَمَسِّكِ بِاِتِّبَاعِ سُنَّةِ خَيْرِ الاَنَامِ عَليْهِ وَعَلى آلِهِ وَصَحْبِهِ اَفْضَلُ الصَّلاةِ وَاكْمَلُ السَّلَامِ.
اِلَى الاِخْوَانِ الْمُخْلِصِينَ الْكِرَامِ مِنْ سُكَّانِ دَارِ الْخِلَاَفةِ اْلعُظْمَى لَا زَاَلتْ مَصُونَةً عَنْ كَيْدِ الْخَائِنِينَ وَمَقْرُونَةً بِنُصْرَةِ حَامِيهَا وَحَامِي بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ اِلَى يَوْمِ الدِّينِ آمِينَ.
السَّلَامُ التَّامُ وَالتَّحِيَّةُ الْكِرَامُ عَلَيْكُمْ أمَّا بَعْدُ فَقدْ وَرَدَتْ مَكَاتِيبُكُمُ الدَّالَّةُ عَلَى صِحَّةِ ذَوَاتِكُمْ فَأَوْرَثَتِ الْمَسَرَّةَ الْمُشِيرَةَ اِلَى ثَبَاتِكُمْ عَلَى الطَّرِيَقةِ وَالسُّنَّةِ السَّنِيَّةِ مَعَ كَثْرَةِ مُزَاحَمَةِ الْمُنْكِرِينَ فَحَمِدْتُ اللهَ تَعَالَى عَلَى ذَلِكَ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ وَقَرَعَ بِسَمْعِ هَذَا الْمِسْكِينِ اَنَّ بَعْضَ الْغَافِلِينَ عَنْ اَسْرَارِ حَقِّ الْيَقِينِ يَعُدُّونَ الرَّابِطَة بِدْعَةً فيِ الطَّرِيَقةِ وَيَزْعَمُونَ انَّهَا شَيْءٌ لَيْسَ لَهُ اَصْلٌ وَ لَا حَقِيقَةٌ كلاَّ اِنَّهَا اَصْلٌ عَظِيمٌ مِنْ اُصُولِ طَرِيقَتِنَا الْعَلِيَّةِ النَّقْشِبَنْدِيَّةِ بَلْ هِيَ اَعْظَمُ اَسْبَابِ الْوُصُولِ بَعْدَ التَّمَسُّكِ التَّامِّ بِاْلكِتَابِ الْعَزِيزِ وَسُنَّةِ الرَّسُولِ وَمِنْ جُمْلَةِ سَادَاتِنَا مَنْ كَانَ يَقْتَصِرُ فيِ السُّلوُكِ وَالتَّسْلِيكِ عَلَيْهَا وَمِنْهُمْ مَنْ كَانَ يَأْمُرُ بِغَيْرِهَا ايْضًا مَعَ تَنْصِيصِهِ عَلَى انَّهَا اَقْرَبُ الطُّرُقِ اِلَى الْفَنَاءِ فيِ الشَّيْخِ الَّذِي هُوَ مُقَدِّمَةُ الْفَنَاءِ فيِ اللهِ تَعَالى وَمِنْهُمْ مَنْ اَثْبَتَهَا بِنَصِّ قوْلِهِ تَعَالَى ﴿ يَآايُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَكُوْنُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ﴾ التوبة: ١١٩ . فَقالَ مِنَ السَّادَاتِ الْكِبَارِ الشَّيْخْ عُبَيْدُ اللهِ الْمَشْهُورِ بِخوَاجَه اَحْرَارْ قُدِّسَ سِرُّهُ مَا حَاصِلُهُ انَّ الكَيْنُونَةَ مَعَ الصَّادِقِينَ اْلمَأمُورِ بِهَا فيِ كَلَامِ رَبِّ الْعَاَلمِينَ اْلكَوْنُ مَعَهُمْ صُورَةً وَمَعْنىً ثمَّ فَسَّرَ الْكَيْنُونَةَ الْمَعْنَوِيَةَ بِالرَّابِطَةِ وَهُوَ عِنْدَ اَهْلِهِ مَشْهُورٌ وَفيِ كِتَابِ (الرَّشَحَاتِ) بِالتَّفْصِيْلِ مَسْطُورٌ فَكَأنَّهُمْ لَمْ يَتَصَوَّرُوا مَعْنىَ الرَّابِطَةِ اِصْطِلاَحًا وَاِلاَّ لَمَا وَسَعَهُمْ اِنْكَارُهَا
اِذْ هِيَ فيِ الطَّرِيَقةِ عِبَارَةٌ عَنْ اِسْتِمْدَادِ الْمُرِيدِ مِنْ رُوحَانِيَةِ شَيْخِهِ الْكَامِلِ الْفَانيِ فيِ اللهِ وَ كَثْرَةِ رِعَايَةِ صُورَتِهِ لِيَتَأدَّبَ وَيَسْتَفِيضَ مِنْهُ فيِ الْغَيْبَةِ كَالْحُضُورِ وَيُتِمَّ لَهُ بِإِسْتِحْضَارِهِ الْحُضُورَ وَالنُّورَ وَيَنْزَجِرَ بِسَبَبِهَا عَنْ سَفَاسِفِ الأُمُورِ وَهُوَ اَمْرٌ لَا يَتَصَوَّرُ جُحُودَهُ اِلاَّ مَنْ كَتَبَ اللهُ تَعَالَى فيِ جَبْهَتِهِ الْخُسْرَانَ وَاتَّسَمَ وَالْعِيَاذُ بِاللهِ تَعَالَى بِالْمَقْتِ وَالْحِرْمَانِ لِاَنَّهُ اِنْ كَانَ مِمَنْ يَعْتَقدُ بِالأَوْلِيَاءِ فَقَدْ صَرَّحُوا بِحُسْنِهَا وَعِظَمِ نَفْعِهَا بَلِ اتَّفَقُوا عَلَيْهَا كَمَا لَا يَخْفَى عَلَى مَنْ تَتَبَّعَ كَلِمَاتِهِمِ اْلُقدْسِيَّةَ وَاسْتَنْشَقَ نَفَحَاتِهِمِ الاُنْسِيَّةَ وَاِلاَّ فَلَا بُدَّ اَنْ يَعْتَقِدَ بِكَلاَمِ ائِمَّةِ الشَّرْعِ وَاَسَاطِينِ الَاصْلِ وَالْفَرْعِ فَقَدْ قَالَ بِهَا مِنْ كُلِّ مَذْهَبٍ مِنَ الْمَذَاهِبِ الاَرْبَعَةِ اَئِمَّةٌ تَصْرِيحًا وَهَا أَنَا اَعُدُّ بَعْضَ مَا ذَكَرُوهُ مَعَ تَعْيِينِ الاَمَاكِنِ لِيُرَاجِعَهَا مَنْ لَيْسَ فيِ قَلْبِهِ مَرَضٌ وَلا يُنْكِرُ عَلَى الاَوْلِيَاءِ بِمُجَرَّدِ اِتِّبَاعِ اْلهَوَى وَالْغَرَضِ فَأَقُولُ وَبِاللهِ التَّوْفِيقُ وَهُوَ اْلهَادِي اِلَى سَوَاءِ الطَّرِيقِ.
قَدْ صَرَّحَ بِالتَّصَرُّفِ وَالاِمْدَادِ لِلرُّوحَانِيِّينَ جَمَاهِيرُ الْمُفَسِّرِينَ فيِ تَفْسِيرِ قَوْلِهِ تَعَالَى ﴿ لوْلآ اَنْ رَآ بُرْهَانَ رَبِّهِ ﴾ يوسف : ٢٤.
وَمِنْهُمْ صَاحِبُ الْكَشَّافِ مَعَ اِنْحِرَافِهِ عَنِ الاِعْتِدَالِ وَاِتِّصَافِهِ بِاْلاِنْكَارِ وَالاِعْتِزَالِ وَلَفْظِهِ وَفَسَّرَ الْبُرْهَانَ بِانَّهُ اَيْ يُوسُفُ عَلَيْهِ السَّلَامُ سَمِعَ صَوْتًا اِيَّاكَ وَاِيَّاهَا فَلمْ يَكْتَرِثْ لَهُ فَسَمِعَ ثانِيًا فَلَمْ يَعْمَلْ بِهِ فَسَمِعَهُ ثَالِثًا اَعْرَضَ عَنْهَا فَلَمْ يَنْجَعْ فِيهِ حَتىَ مُثِّل لَهُ يَعْقُوبُ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ عَاضًّا انْمُلَتَهُ وَقِيْلَ ضَرَبَ بِيَدِهِ عَلَى صَدْرِهِ اِلَى آخِرِ مَا قَالَ.
وَقَالَ مِنَ الأَئِمَّةِ الْحَنَفِيَّةِ الشَّيْخُ الاِمَامُ اَكْمَلُ الدِّينِ فيِ شَرْحِ الْمَشَارِقِ فيِ حَدِيثِ « مَنْ رَآنيِ فَقدْ رَأى اللهَ » الاِجْتِمَاعُ بِالشَّخْصِ يَقَظَةً وَمَنَامًا مَوْقُوفٌ لِحُصُولِ مَا بِهِ الاِتِّحَادُ وَلَهُ خَمْسَةٌ اُصُولٍ كُلِّيَّةٍ الاِشْتِرَاكُ فيِ الذَّاتِ اَوْ فيِ صِفَةٍ فَصَاعِدًا اَوْ فيِ الاَفْعَالِ اَوْ فيِ حَالٍ فَصَاعِدًا اَوْ فيِ الْمَرَاتِبِ وَ كُلُّ مَا يَتَعَلَّقُ مِنَ الْمُنَاسَبَةِ الاِجْتِمَاعُ بَيْنَ شَيْئَيْنِ اَوِ الاَشْيَاءِ لَا يَخْرُجُ عَنْ هَذِهِ الْخَمْسَةِ وَبِحَسَبِ قُوَّتِهِ عَلَى مَا بِهِ الاِتِّحَادُ وَضَعْفِهِ يُكَثِّرُ الاِجْتِمَاعَ وَيَقِلُّ وَقَدْ يُقَوِّي عَلَى ضِدِّهِ فَتَقْوَى الْمَحَبَّةُ بِحَيْثُ يَكَادُ الشَّخْصَانِ لَا يَفْتَرِقَانِ وَقَدْ يَكُونُ بِاْلعَكْسِ وَمَنْ حَصَّلَ الاُصُولُ الْخَمْسَةَ وَثَبَتَ الْمُنَاسَبَةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ اَرْوَاحِ الْكُمَّلِ الْمَاضِينَ اِجْتَمَعَ بِهِمْ مَتىَ شَاءَ اِنْتَهَى.
وَمِنَ الاَئِمَّةِ الشَّافِعِيَّةِ الاِمَامُ الْغَزَاليِ قَالَ فيِ الاِحْيِاءِ فيِ بَابِ تَفْصِيلِ مَا يَنْبَغِي اَنْ يَحْضُرَ فيِ الْقَلْبِ عِنْدَ كُلِّ رُكْنٍ مِنَ الصَّلَاةِ مَا نَصُّهُ: وَاَحْضِرْ فيِ قَلْبِكَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عََليْهِ وَسَلَّمَ وَشَخْصَهُ الْكَرِيمَ وَقُلْ السَّلَامُ عَلَيْكَ اَيُّهَا النَّبِيُّ وَلِتُصَدِّقَ الْمَلِكَ فيِ انَّهُ يُبَلِّغُهُ وَيَرُدُّ عَليْكَ مَا هُوَ اَوْفَى مِنْهُ اِنْتَهَى.
وَقَالَ مِنْهُمْ الْعَلاَّمَةُ الشِّهَابُ ابْنُ حَجَرٍ الْمَكِّي شَيْخُ الشِّهَابِ اْلخَفَّاجِي فيِ (شَرْحِ الْعُبَابِ) فيِ بَيَانِ مَعَانيِ كَلِمَاتِ التَّشَهُّدِ مَا نَصُّهُ: وَخُوطِبَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَأنَّهُ اِشَارَةٌ اِلَى اَنَّهُ تَعَالَى يَكْشِفُ لَهُ عَنِ الْمُصَلِّينَ مِنْ اُمَّتِهِ حَتىَ يَكوُنَ كَالْحَاضِرِ مَعَهُمْ لِيَشْهَدَ لهُمْ بِأَفْضَلِ اَعْمَالِهِمْ وَلِيَكُوْنَ تَذَكُّرُ حُضُورِهِ سِبَبًا لِمَزِيدِ الْخُشُوعِ وَالْخُضُوعِ ثمَّ ايَّدَهُ بِمَا مَرَّ عَنِ الاِحْيَاءِ.
وقَالَ مِنْهُمْ اَيْضًا مُحَشِّي الاَشْبَاهِ اَحْمَدُ ابْنُ مُحَمَّدٍ الشَّرِيفُ اْلحَمَوِي فيِ كِتَابِهِ (نَفَحَاتُ اْلُقرْبِ وَاْلاِتِّصَالِ) بِإِثْبَاتِ التَّصَرُّفِ لِأَوْلِيَاءِ اللهِ تَعَالَى وَالْكَرَامَةِ بَعْدَ الاِنْتِقَالِ مَا خُلَاصَتُهُ اَنَّ الاَوْلِيَاءَ يَظْهَرُونَ فيِ صُوَرٍ مُتَعَدِّدَةٍ بِسَبَبِ غَلَبَةِ رُوحَانِيَتِهِمْ عَلَى جِسْمَانِيَّتِهِمْ وَحَمَلَ عَلَى هَذَا الْمَعْنىَ مَا فيِ بَعْضِ رِوَايَاتِ الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ حَيْثُ قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: « يُنَادَى مِنْ كُلِّ بَابٍ مِنْ اَبْوَابِ الْجَنَّةِ بَعْضُ اَهْلِ الْجَنَّةِ » فَقالَ لَهُ أَبوُ بَكِرٍ الصِّدِّيقُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ هَلْ يَدْخُلُ اَحَدٌ مِنْ تِلْكَ الاَبْوَابِ كُلِّهَا قَالَ (نَعَمْ وَاَرْجُو اَنْ تَكُوْنَ مِنْهُمْ) اِنْتَهَى بِالْمَعْنىَ وَقَالوُا اِنَّ الرُّوحَ الْكُلِّيَّةَ تَظْهَرُ فيِ سَبْعِينَ اَلْفَ صُورَةٍ فيِ دَارِ الدُّنْيَا فَفِي الْبَرْزَخِ اَوْلَى لِاَنَّ الرُّوحَ فِيهِ اَغْلَبُ وَاَشَدُّ اِسْتِقْلَالا وَاَقْوَى وَاَكْثرُ اِنْتِقَالًا بِسَبَبِ الْمُفَارَقَةِ عَنِ الْبَدَنِ اِنْتَهَى.
وَلِشَيْخِ الشُّيُوخِ الاِمَامُ الْعَارِفُ السُّهْرَوَرْدِي الشَّافِعِي فيِ (الْعَوَارِفِ) فيِ بَابِ الصَّلَاةِ لِأهْلِ اْلُقرْبِ مِثْلُهُ وَمِنْ عِبَارَاتِهِ وَيُسَلِّمُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيُمَثِّلُهُ بَيْنَ عَيْنَيْ قَلْبِهِ اِنْتَهَى.
وَصَرَّحَ الْعَلاَّمَةُ الشِّهَابُ ابْنُ حَجَر فيِ اَوَاخِرِ (شَرْحِ الشَّمَائِلِ) وِفَاقًا لِلْحَافِظِ الْجَلَالِ السُّيُوطِي فيِ كِتَابِهِ (تَنْوِيرُ الْحَلكِ فيِ رُؤْيَةِ النَّبِيِّ وَالْمَلَكِ) َانَّهُ حَكَي عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا اَنَّهُ رَأَى رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فيِ النَّوْمِ فَدَخَلَ عَلَى بَعْضِ اُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ فَأخْرَجَتْ لَهُ مِرْآتَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَأَى صُورَتَهُ صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يَرَ صُورَةَ نَفْسِهِ اِنْتَهَى وَهَذَا هُوَ الْفَنَاءُ فيِ الرَّابِطَةِ فيِ اِصْطِلَاحِ الْقَوْمِ لَا يُقَال لَيْسَ الْكَلَامُ فيِ صُورَةِ النَّبِيِّ لِأَنَّا نَقُوْلُ اِنَّ هَذَا لَيْسَ مِنْ خَصَائِصِ الأنْبِيَاءِ وَكُلُّ مَا هُوَ كَذَلِكَ فَهُوَ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الاَوْلِيَاءِ وَ لَا شَكَّ فيِ هَذَا عِنْدَ اَهْلِهِ نَعَمْ مُخَاطَبَةُ غَيْرِهِ صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فيِ الصَّلَاةِ مُبْطِلَةٌ لَهَا وَاِحْضَارُهُ الصُّوْرَةَ فِيهَا وَالتَّسْلِيمَ عَلَى صَاحِبِهَا مِنْ خَصَائِصِ حَضْرَةِ رُوحِ اْلوُجُودِ وَصَاحِبِ الْمَقَامِ الْمَحْمُودِ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ الصَّلَاةُ وَالتَّسْلِيمْ مِنَ الْكَرِيمِ الْوَدُودِ وَهُوَ غَيْرُ مُرَادٍ فيِ مَا نَحْنُ فِيهِ هَذَا.
وَقَالَ مِنْهُمُ الْحَافِظُ الْجَلَالُ السُّيُوطِي فيِ رِسَاَلةٍ حَافِلَةٍ اَلَّفَهَا فيِ مِثْلِ هَذِهِ الْمَادَّةِ سَمَّاهَا (كِتَابَ اْلمُنْجَلِي فيِ تَطَوُّرِ الْوَلِيِّ) نَقْلًا عَنِ الاِمَامِ السُّبْكِي الشَّافِعِي فيِ (الطَّبَقَاتِ اْلكُبْرَى) َالْكَرَامَاتُ اَنْوَاعٌ اِلَى اَنْ قَالَ الثَّانيِ وَالْعِشْرُونَ التَّطَوُّرُ بِأَطْوَارٍ مُخْتَلِفَةٍ وَهُوَ الَّذِي يُسَمِّيهِ الصُّوفِيَّةُ بِعَاَلمِ اْلمِثَالِ وَبَنَوْا عَلَيْهِ تَجَسُّدَ الاَرْوَاحِ وَظُهُورَهَا فيِ صُوَرٍ مُخْتَلِفَةٍ مِنْ عَاَلمِ الْمِثَالِ وَاِسْتَأْنَسُوا لَهُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿ فتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا ﴾ مريم: ١٧ ، وَمِنْهُ قَضِيَّةُ قَضِيبِ الْبَانِ ثُمَّ ذَكَرَهَا وَذَكَرَ غَيْرَهَا اِنْتَهَى.
وَقَالَ مِنْهُمُ الاِمَامُ الْعَارِفُ الشِّعْرَانيِ قَدَّسَ اللهُ تَعَالَى سِرَّهُ فيِ كِتَابِ (َالنَّفَحَاتُ الْقُدْسِيَّةِ) عِنْدَ تَذَكُّرِ آدَابِ الذِّكْرِ مَا نَصُّهُ: َالسَّابِعُ اَنْ يَتَخَيَّلَ شَخْصٌ شَيْخَهُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ وَهَذَا عِنْدَهُمْ اَكَدُّ الآدَابِ اِنْتَهَى بِحُرُوفِهِ قُلْتُ وَلَيْسَتِ الرَّابِطَةُ عِنْدَنَا مَعَاشِرَ النَّقْشَبَنْدِيَّةِ اِلاَّ هَذَا كَمَا يَشْهَدُ لَهُ مَا فيِ جَمِيعِ كُتُبِهِمْ الْمُعْتَمَدَةِ.
وَذَكَرَ الْعَلاَّمَةُ السَّفِيرِي الْحَلَبيِ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ فيِ شَرْحِ اْلبُخَارِي عِنْدَ قَوْلِهِ ثُمَّ حُبِّبَ اِلَيْهِ الْخَلَاءُ اِنَّ الشَّيْطانَ كَمَا لَا يَقْدِرُ اَنْ يَتَمَثَّلَ بِصُورَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَقْدِرُ اَنْ يُتَمَثَّلَ بِصُورَةِ الْوَلِيِّ الْكَامِلِ اَيْضًا بِشَرْطٍ ذَكَرَهَ ثَمَّةَ.
وَقَالَ مِنْ اَكَابِرِ الْحَنَفِيَّةِ اَيْضًا الْعَلاَّمَةُ الشَّرِيفُ الْجُرْجَانيِ قَدَّسَ اللهُ تَعَالَى سِرَّهُ فيِ اَوَاخِرِ (شَرْحِ الْمَوَاقِفِ) قُبَيْلَ ذِكْرِ الْفِرَقِ الاِسْلَامِيَّةِ بِصِحَّةِ ظُهُورِ صُوَرِ الاَوْلِيَاءِ لِلْمُرِيدِينَ وَاَخْذِهِمُ الْفُيُوضَ مِنْهَا حَتَّى بَعْدَ الْمَوْتِ وكذَا فيِ اَوَائِلِ حَوَاشِيهِ عَلَى (شَرْحِ الْمَطَالِعِ).
وَقَال مِنْهُمْ اَيْضًا الاِمَامُ الْعَارِفُ بِاللهِ تَعَالَى الشَّيْخُ تَاجُ الدِّينِ اْلحَنَفِي النَّقْشَبَنْدِي الْعُثْمَانيِ قدَّسَ اللهُ تَعَالَى سِرَّهُ عِنْدَ بَيَانِ طُرُقِ اْلوُصُولِ اِلَى اللهِ تَعَالَى فيِ رِسَاَلتِهِ الْمَعْرُوَفةِ بِ(التَّاجِيَّةِ) مَا نَصُّهُ: َالطَّرِيقُ الثَّالِثُ الرَّابِطَةُ بِالشَّيْخِ الَّذِي وَصَلَ اِلَى مَقَامِ الْمُشَاهَدَةِ وَتَحَقَّقَ بِالصِّفَاتِ الذَّاتِيَّةِ فَاِنَّ رُؤْيَتَهُ بِمُقتَضَى (هُمُ الَّذِينَ اِذَا رُؤُا ذُكِرَ اللهُ) تُفِيدُ فَائِدَةَ الذِّكْرِ وَصُحْبَتُهِ بِجمُوجِبِ (هُمْ جُلَسَاءُ اللهِ تَعَالى) تُنْتِجُ صُحْبَةَ الْمَذْكُوْرِ تَعَالَى اِلَى اَنْ قَالَ فَيَنْبَغِي اَنْ تَحْفَظَ صُورَةَ الشَّيْخِ فيِ الْخَيَالِ وَتَتَوَجَّهَ لِلْقَلْبِ الصَّنَوْبَرِي حَتَّى تَحْصُلُ الْغَيْبَةُ وَالْفنَاءُ عَنِ النَّفْسِ وَاِنْ وَقَفْتَ عَنِ التَّرَقِي فَيَنْبَغِي اَنْ تَجْعَلَ صُورَةَ الشَّيْخِ عَلَى كَتْفِكَ الايْمَنِ وَتَفْرِضَ عَنْ كَتْفِكَ اِلى قَلْبِكَ اَمْرًا مُمْتَدًّا يَعْنيِ خَطًّا مَوْهُومًا وَتَأْتيِ بِالشَّيِخِ عَلَى ذَلِكَ الاَمْرِ اْلمُمْتَدِّ وَتَجْعَلَهُ فيِ قَلْبِكَ فَاِنَّهُ يُرْجَى لكَ بِذلِكَ حُصُوْلُ الْغَيْبَةِ وَالْفَنَاءِ.
وَجَرَى عَلَيْهِ قِدْوَةُ الْمُحَقِّقِينَ وَزُبْدَةُ الْمُتَأَخِّرِينَ الشَّيْخُ العَارِفُ عَبْدُ الْغِنِيِّ النَّابُلُسِيِّ اْلحَنَفِي قَدَّسَ اللهُ سِرَّهُ وَاَقَرَّهُ فيِ شَرْحِهِ عَلَى التَّاجِيَّةِ.