الأربعاء، 11 ديسمبر 2024

حقيقة الذكر وأقسامه عند النقشبندية

فصل في حقيقة الذكر وأقسامه وبيان أن القسم الذي اختاره ساداتنا النقشبندية أفضل أنواع الذكر بل أفضل العبادات على الاطلاق بالأدلة القاطعة والبراهين الساطعة

اعلم ان من نطق باسم شئ أو أخطره في قلبه واستحضره فى سره يقال أنه ذكره ويقال للنطق باسمه أو احضاره فى نفسه ذكر. إلا أن اطلاق الذكر على حضور الشئُّ في النفس وخطوره بالقلب اطلاق حقيقى. وأما على النطق بالاسم لسانا فبطريق المجاز المشهور ويدلك على أن الخطوريسمي ذكرا قوله صلى الله عليه وسلم فيما يرويه البخارى فى الصحيح ومسلم وغيرهما فى حق من فاتته صلاة نسيانا فليصلها إذا ذكرها، فظاهر أن ليس معنى الحديث فليصلها اذا نطق لسانه باسمها بل معناه أنه يجب عليه قضاؤها متى تذكرها قلبه، فلما عبر عليه الصلاة والسلام عن هذا المعنى بقوله ذكرها دل على أنه خطور الشيء بالبال ذكرله قطعا.

ومما يدل على ذلك أيضاً مقابلة الذكر بالغفلة فى قوله تعالي ﴿وَاذْكُر رَّبَّكَ فِي نَفْسِكَ﴾ الي قوله ﴿وَلَا تَكُن مِّنَ الْغَافِلِينَ﴾ والغفلة عن الشىّ ذهول القلب عنه كما لا يخفى فليكن ذكر الشىء حضور القلب معه اذا علمت هذا فاعلم أن ذكر الله تعالى الذي سبق بيان فضله ليس قاصرا على ذكر اللسان فقط بل الذكر على أقسام، وفي كل منها فضل الا أن بعضها أعلى من بعض، فأدنى أقسام الذكر باللسان والقلب غافل مع تصحيح اللفظ الذي يذكر به على قانون الشرع قال حجة الاسلام الغزالى.

فأما الذكر باللسان والقلب لاه فهو قليل الجدوي بل قال كثير من العارفين انه عديم النقم ولا يصل بهذا القسم الي حضرة الحق تعالى أحد أبدا.

القسم الثانى وهو أعلى مما قبله بمراحل الذكر باللسان أيضا مع حضور القلب وعدم غفلته وقت الذكر، فهذا أن دوام عليه صاحبه باذن العارف الواصل وصل بفضل الله تعالي الي القسم الرابع من أقسام الذكر الآتي بيانها.

وقد ورد فى فضل هذا القسم بخصوصه شواهد من الكتاب والسنة ووصل به إلى الله تعالي كثير من الصوفية وعولوا عليه في توصيل المريدين. القسم الثالث الذكر بالقلب بمعنى ملاحظة اسمه تعالى فقط أعنى من غير حركة لسان ولا اشتغال قلب بالمعنى وهذا القسم لم يأمر أحد من الصوفية بالاشتغال به واختلف الفقهاء فى حصول الثواب عليه وأنما أثيب من لاحظ لفظ الحمد لله عقب العطاس فى بيت الخلاء لأنه ذكر طلب بخصوصه وهو منهي عن النطق باللسان فى هذه الحالة فقامت الملاحظة مقام التلفظ العذر .

القسم الرابع الذكر بالقلب أيضا لكن لا بمعنى أحضار الاسم الشريف فقط كما سبق في الذي قبله بل بمعنى أحضار الاسم الشريف مع استلاء القلب بمعناه وهو ذات بلا مثل بحيث يكون القلب متلئاً بالهيبة من المذكور مستغرقا فى جلاله ملاحظا أنه مطلع عليه وقريب منه على وجه لا يبقي معه لخطور الغير مدخل هذا ان كان الاشتغال باسم الذات، فان كان الاشتغال بالنفى والاثبات أعنى كلمة (لاإله إلا الله) لاحظ لفظها على الكيفية الآتية مع كمال الاستغراق في المعنى أيضا.

ولا بد فى هذا القسم سواء كان باسم الذات أو النفى والاثبات من أن يكون القلب على كمال الانكسار وكمال الشعور بالمذكور بحيث يكون أحضار صيغة الذكر تابعًا لتذكر المعنى لا متبوعا.

وهذا القسم هو أعلى أقسام الذكر ونهايتها بل أفضل من جميع العادات البدنية بل أفضل من جميع العبادات القلبية كما دلت عليه السنة وأقوال الصوفية وأجمع عليه فقهاء المذاهب الأربعة وهو الذى اختاره ساداتنا النقشبندية.

أَما الستة (فنها) ما روى مسلم والترمذى واللفظ له ان رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : « سَبَقَ الْمُفْرِدُونَ قَالُوا وَمَا الْمُفْرِدُونَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ الْمُسْتَهْتَرُونَ فِي ذِكْرِ اللَّهِ يَضَعُ الذِّكْرُ عَنْهُمْ أَثْقَالَهُمْ فَيَأْتُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ خِفَافًا» المستهترون بفتح التاءين هم المولعون بذكر الله و المستغرقون فيه كمال الاستغراق . ولا يحصل هذا على الوجه الأتم الا اذا كان الذكر قلبيا صرفا وحضورا بحتا فان تلفظ اللسان ينقص منه حضور القلب على قدره فالفائزون بهذا النوع من الذكر هم الفائزون عند الله بأعلى درجات السبق بشهادة هذا الحديث الشريف .

(ومنها) ما رواه ابن أبي الدنيا مرفوعا « مَا مِنْ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ إِلَّا وَلِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِيهِ صَدَقَةٌ يَمُنُّ بِهَا عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ، وَمَا مَنَّ اللَّهُ عَلَى عَبْدٍ بِأَفْضَلَ مِنْ أَنْ يُلْهِمَهُ ذِكْرَهُ » ووجه دلالة هذا الحديث أن الالهام هو قذف المعنى فى القلب ولا معنى لإلهام الذ كر الا أن يوفق الله عز وجل قلب عبده لتذكره وقد جعله النبي صلى الله عليه وسلم أفضل الصدقات فدل على أن هذا التذكر أفضل العبادات وهو ما اختاره السادة النقشبندية كما بينا. وروي الطبرانى فى الاوسط عن أبي هريرة قال صلى الله عليه وسلم « ان الله تعالي يقول يابن آدم أنك اذا ذ کرتنی شکرتنی واذا نسينتنی کفرتنی». فانظر كيف قابل الذكر بالنسيان ليدل على أن المراد بهذا الذكر التذكر بالقلب لحضرة المذكور. وروي البيهقي والطبراني والبزار والحا كم وقال صحيح الاسناد عن جابر مرفوعا « اغْدُوا وَرُوحُوا فِي ذِكْرِ اللَّهِ، وَذَكِّرُوة بِأَنْفُسِكُمْ، مَنْ كانَ يُحِبُّ أَنْ يَعْلَمَ مَنْزِلَتَهُ عِنْدَ اللَّهِ فَلْيَنْظُرْ كَيْفَ مَنْزِلَة اللَّهِ عِنْدَة، فَإنَّ الله يُنْزِلُ الْعَبْدَ مِنْهُ حَيْثُ أَنْزَلَهُ مِنْ نَفْسِهِ » فهذا صريح منه صلى الله عليه وسلم فى أن تذكر الانسان نفسه برية كلما كان أكمل كانت منزلة العبد عنده عزوجل أرفع. وأكمل أنواع الذكر هو هذا الذكر الذى اختاره هؤلاء السادة رضى الله عنهم كما بينا .

(ومنها) ما روي البيهقي وأبو يعلى عن أنس مرفوعا «إنَّ الشَّيْطانَ واضِعٌ خَطْمَهُ (أي فمه) عَلى قَلْبِ ابْنِ آدَمَ فَإنْ ذَكَرَ اللَّهَ خَنَسَ وإنْ نَسِيَ التَقَمَ » وفى جعل النسيان سببا لالتقام الشيطان قلب ابن آدم دليل على أن الذكر الطارد له انما هو الملاحظة والحضور مع الله وأنه أعلى الاذكار .

وروي البخاري فى الصحيح « سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ في ظِلِّهِ يَوْمَ لا ظِلَّ إلَّا ظِلُّهُ » وعدها إلى أن قال « ورَجُلٌ ذَكَرَ اللَّه خالِيًا فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ » وقد علم بالتجربة المفيدة للقطع ان الذكر الذي يستعقبه البكاء وفيضان الدمع من العين انما هو هذا النوع من الذكر فدل على أنه المراد فهنيئاً ثم هنيئاً لمن تعلم هذا الذكر من أهله وعمل به .

وروي أيضا فى صحيحه « يقُولُ اللَّه تَعالى: أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي، وَأَنَا مَعهُ إِذَا ذَكَرَني، فَإن ذَكرَني في نَفْسهِ، ذَكَرْتُهُ في نَفسي، وإنْ ذَكَرَني في ملإٍ، ذكَرتُهُ في ملإٍ خَيْرٍ منْهُمْ » قال الخطيب المراد بالذكر في النفس أن يستحضر في قلبه عظمة الله تعالى اهـ. وتقديمه دال علي أفضليته ومن تتبع السنة رآها ناطقة بان عمل السر يزيد على عمل العلانية بل جاء فيها التصريح بأفضلية هذا القسم من الذكر على غيره بسبعين ضعفا . فقد روي البيهقى بسنده عن عائشة انه صلى الله عليه وسلم قال : « الذِّكْرُ الَّذِي لَا تَسْمَعُهُ الْحَفَظَةُ » قال شارحه وهوذكر القلب « يَزِيدُ عَلَى الذِّكْرِ الَّذِي تَسْمَعُهُ الْحَفَظَةَ سَبْعِينَ ضِعْفًا » .

وأما أقوال الصوفية فكثيرة، قال منبع العلوم سيدنا على كرم الله وجهه لابنه الحسن: "أوصيك بتقوي الله تعالي وعمارة قلبك بذكره" اهـ. وقال سيد الطائفة الجنيد: "من الاعمال مالا يطلع عليه الحفظة وهو ذكر الله بالقلب وما طويت عليه الضمائر من هيبته وتعظيمه" . وقال: "أقرب ما يتقرب به المتقربون إلي الله عمل خفي بميزان وفى" . وقال: "التصوف جامع لعشر خصال وعدها الي أن قال: "ودوام ذكر اللّه بالقلب ". وقال حجة الاسلام فى الاحياء: "حضور القلب مع الله تعالي على الدوام أو في أكثر الأوقات هو المقدم على العبادات". قال شارحه كلها بل به تشرف سائر العبادات اهـ.

وقد عرفت أن الذكر القلبي عند النقشبندية هو ذلك الحضور مع نطق لسان القلب باسم الذات أو النفى والاثبات وكما سيأتي تفصيله في الفصل بعد هذا . وقد حكم الاستاذ بأنه المقدم على سائر العبادات كما تري وأقر شارحه العلامة المحقق مرتضى بل قال حجة الاسلام أيضاً فى كتابه كيمياء السعادة ما نصه: "ولا تظن ان هذه الطاقة تنفتح بالنوم والموت فقط بل تنفتح باليقظة لمن أخلص الجهادة والرياضة ونخلص من يد الشهوة والغضب والاخلاق القبيحة والاعمال الرديئة فاذا جلس فى مكان خال وعطل طريق الحواس وفتح عين الباطن وسمعه وجعل القلب فى مناسبة عالم الملكوت وقال دائما (الله الله الله) بقلبه دون لسانه إلى أن يصير لاخبر له من نفسه ولا من العالم ويبقي لا يري شيئا الا الله سبحانه وتعالي انفتحت تلك الطاقة وأبصر فى اليقظة الذي يبصره فى النوم فتظهر له أرواح الملائكة والانبياء والصور الحسنة الجميلة الجليلة وانكشف له ملوك السموات والارض ورأي مالا يمكن شرحه ولا وصفه، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: « زوَيتُ لي الأرضَ فرأَيْتُ مَشارِقَها ومَغارِبَها » وقال الله عز وجل ﴿ وَكَذَٰلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ﴾ سورة الأنعام الآية ٧٥ لأن علوم الانبياء عليهم الصلاة والسلام كلها كانت من هذا الطريق لا من طريق الحواس، كما قال سبحانه وتعالى ﴿وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا﴾ سورة المزمل الآية ٨ معناه الانقطاع عن كل شيء وتطهير القلب من كل شئ، والابتهال اليه سبحانه وتعالي بالكلية وهو طريق الصوفية فى هذا الزمان. وأما طريق التعليم فهو طريق العلماء وهذه الدرجة الكبيرة مختصرة من طريق النبوة وكذلك علم الاولياء لأنه وقع في قلوبهم بلا واسطة مع حضرة الحق فكما قال سبحانه وتعالي ﴿ آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْمًا﴾ سورة الكهف الآية ٦٥.

وهذه الطريقة لاتفهم الا بالتجربة ‏وان لم تحصل بالذوق لا تحصل بالتعليم والواجب التصديق بها حتي لا تحرم شعاع سعادتهم وهم من عجب القلب ومن لم يبصر لم يصدق كما قال تعالى (﴿بَلْ كَذَّبُوا بِمَا لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ ﴾ سورة يونس الآية ٣٩. واذ لم يهتدوا به فسيقولون هذا أنك قديم . اهـ بحروفه .

وكلام هذا الحجة حجة قاطعة كما لا يخفى على أهل الانصاف فيما اختاره مشايخنا رضى الله عنهم من الذكر . وقال العارف الشاذلي قدس سره: " الذرة من أعمال القلوب تعدل أمثال الجبال من أعمال الجوارح". وقال الشيخ الاكبر محيي الدين في الفتوحات المكية في باب الذكر: "وليكن ذكرك الاسم الجامع الذي هو ( الله الله ) إلى أن قال وتحفظ أن يفوه به لسانك. وليكن قلبك هو القائل ولتكن أذنك مصغية لهذا الذكر حتى ينبعث الناطق من سرك فاذا احسست بظهور الناطق فيك بالذكر فلا تترك حالك التي كنت عليها فانها قوة عرضية ان أخلت بجمعيتك لم تلبث ان تزول سريعا اهـ

وعلى ذلك القدم جميع شيوخ الرسالة القشيرية والشيخ السري ومعروف الكرخي وداود الطائى وابراهيم بن أدهم وعبد الله بن حنيف والفضيل بن عياض والحارث المحاسبي والحافى وغيرهم قدس سرهم كما يعلم باستقراء كلماتهم وفي هذا القدر كفاية لطالب الرشاد والهداية والبعيد عن المشاغبات والغواية .

وأما أقوال فقهاء المذاهب من الشافعية رضى الله عنهم فقال من الشافعية العلامة البجوري في حاشيته علي شرح بن قاسم أول كتاب الصلاة والعبادات البدنية الباطنة كالتفكر والصبر والرضا بالقضاء والقدر أفضل من العبادات البدنية الظاهرة حتى من الصلاة. فقد ورد « تَفَكَّرُ ساعَةٍ خَيْرٌ مِن عِبادَةِ سِتِّينَ سَنَةً » وأفضل الجميع الايمان اهـ .

وقال الشرقاوي في حاشيته على التحرير نحوه: "وقد عرفت أن الذكر القلبي الذي اختاره مشايخنا لا يخرج عن التفكر في عظمته تعالى والاستغراق فيها والإيمان بالله وصفاته على طريق التجدد والاستمرار مع الاشتغال باسم الذات أو الكلمة المشرفة على ماسيأتي .

وقال العلامة الجمل في حاشية شرح المنهج: " أول كتاب الصلاة والصلاة أفضل عبادات البدن بعد الاسلام ثم قال وخرج بعبادات البدن عبادات القلب فانها أفضل من الصلاة كالايمان والمعرفة والتفكر والتوكل والصبر والشكر والرضا والخوف والمحبة الله تعالى ولرسوله. وأفضلها الايمان ويكون واجبا وقد يكون تطوعا كما في التجديد اهـ

والذكر القلبي الذي اختاره المشايخ من قبيل الايمان بالله وصفاته على طريق التجديد وقد عرفت بنصوصهم أن أفضل العبادة قلبية أو بدنية الايمان فدل على أن ما اختاروه أفضل العبادات قطعا . وقال العلامة ابن حجر الهيتمي في الفتاوي الحديثية في آخر جواب السؤال عن الملائكة هل خلقوا دفعة أو تارات أن جماعة من أئمتنا وغيرهم يقولون لا ثواب في ذكر القلب وحده ولا مع اللسان حيث لم يسمع نفسه. وينبغي حمله على انه لا ثواب عليه من حيث الذكر المخصوص أما اشتغال القلب بذلك وتأمل معانيه واستغراق في شهودها فلا شك انه بمقتضى الادلة يثاب عليه من هذه الحيثية سبعين ضعفا اهـ

وذكر مشايخنا هو هذه الملاحظة مع زيادة ما مر . وقال من المالكية القاضي عياض رحمه الله: "ذكر الله ضربان ذكر بالقلب وذكر باللسان وذكر القلب نوعان أحدهما وهو أرفع الاذكار وأجلها التفكر في عظمة الله تعالى وجلاله اهـ

وقال منهم العلامة الدردير وناهيك به أماما النوع الثانى الذكر بالقلب وهو شأن أرباب النهايات اهـ. وقال محشيه المحقق الصاوي وهو أفضل الاذكار وساق مامر من كلام الشاذلي .

ومن ثم قال مشايخ النقشبندية (نهايتنا بداية غيرها ) وقال من الحنفية السيد مرتضي شارح الاحياء والكثيرون منهم بأفضلية ذكر القلب وحده كما يعلم من الوقوف على كلامه في الشرح المذكور وغيره وتركنا نقله لطوله وكثرته وفى كتاب بغية أولى النهي شرح غاية المنتهي من فقه الحنابلة عند قول المتن صلاة التطوع أفضل من تطوع بدن لا قلب وقوله لا قلب اشارة الي أن عمل القلب أفضل وبما تقرر من أدلة السنة السابقة وغيرها .

وأقوال الصوفية وكلام فقهاء المذاهب الذي أسلفناه يقينا أن أفضل ما يتقرب به المتقربون الى الله تعالي وأقر به وأكثره ثوابا ( الذكر القلبي ) الذي اختاره مشايخنا رضي الله عنهم و به تعلم أيضا ان الذكر القلبي الذي نفى عنه بعض العلماء الثواب ليس هو النوع الذي اختاره مشايخنا منه كما مر موضحا في عددد أقسام الذكر وبان لك أن من يطعن على طريق هؤلاء الاكابر أما معاند مكابر فلا الاشتغال معه ولا الالتفات اليه بل سقوطه من نظر الله لمعاداته يصح أولياء الله يكفيه، وأما جاهل بما في السنة وما عليه علماء الأمة فينبغي تعليمه وايقاظه لوجه الله تعالي وفيما أوردناه كفاية لذلك والحمد لله وحيث بان لك ان أفضل الكيفيات هي الكيفية التي وصل بها المشايخ النقشبندية ووعدنا بتفصيل الكلام عليها فلنشرع في ذلك وبالله التوفيق.

مقالات ذات صلة مفيدة